صدر حكم من الدائرة الأولى بمحكمة التمييز برفض الطعن على قرار لجنة الطعون الضريبية في شأن الربط الضريبي ضد إحدى الشركات الأجنبية عن الأعوام المالية من سنة 2000 حتى 2004 بمبلغ 4.16 مليون دينار على اعتبار أن الشركة المذكورة تقوم بأعمال تجارية من خلال وكيل محلي وتقديم خدمات بالكويت (شركة البابطين)، واستندت محكمة التمييز في حكمها إلى الآتي:
1- إن المشرّع اعتبر من المادة (286) من قانون التجارة، أن عقد التوزيع في حكم وكالة العقود، فيكون لفظ الوكيل الوارد في مرسوم ضريبة الدخل رقم (3/1955) يشمل الوكيل في وكالة العقود الذي يبرم الصفقات لمصلحة الموكل مقابل أجر. ويعتبر الموكل في عقد التوزيع الذي يقوم بترويج وتوزيع منتجات منشأة صناعية وتجارية قد باشر نشاطًا تجارياً في الكويت بصورة غير مباشرة عن طريق وكيل له، فيخضع الدخل الذي حصل عليه من هذا النشاط للضريبة.
2 – استدل الحكم من اتفاقية التوزيع المبرمة بين الطرفين أن شركة محلية، هي الوكيل عن الشركة الأجنبية المذكورة في ترويج وتوزيع منتجاتها التي تحمل اسمها وعلامتها التجارية.
3 – استبعد تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم (387) الصادر بتاريخ 30 أبريل 2006 والذي نص على استبعاد عقد التوزيع من نطاق مرسوم ضريبة الدخل الكويتية باعتباره أنه مجرد توجيهات للجهة الإدارية.
وقد سبق للدائرة التجارية الأولى بمحكمة التمييز أن أصدرت حكمها في الطعن رقم (1697/2010) بتاريخ 28 فبراير 2012، والدائرة التجارية الرابعة بذات المحكمة في الطعن رقم (1148/2015) تجاري 4 بتاريخ 14 ديسمبر 2016، والدائرة المدنية الأولى بمحكمة التمييز أيضاً في الطعن رقم 1313/2015 مدني 1 بتاريخ 20 فبراير 2017، بما يناقض الحكم الأول استناداً إلى تعريف الوكيل في المرسوم رقم 3/1955 المعدل في شأن ضريبة الدخل الكويتية بأنه هو الشخص المفوض من قبل موكله لمزاولة العمل، أو التجارة، أو أي من الأنشطة التي نصت عليها المادة الأولى من هذا القانون لعقد اتفاقية ملزمة مع طرف ثالث بالنيابة عن موكله ولحسابه وضمن الصلاحيات المخولة له، بحيث لا تخضع لهذه الضريبة أرباح التاجر الكويتي الناتجة عن بيعه لبضائع قد اشتراها ونقلها وباعها لحسابه الخاص.
ولا يتوافر بذلك شروط استحقاق الضريبة على الشركة الأجنبية أصيلة عن نفسها أو وكيلة عن غيرها، وهي لا تزاول عملاً أو تجارة أو نشاطًا في الكويت مباشرة أو بواسطة وكيل، وأن الوكالة في هذه الصورة لا تعدو أن تكون ضرباً من ضروب الوكالة العادية تقوم على فكرة النيابة بحيث يكون الوكيل ممثلاً للموكل في إبرام الصفقة لحساب الشركة الأجنبية.
إن التاجر الكويتي الموزع بالكويت للشركة الأجنبية في منطقة معينة يعمل لحساب نفسه، بما لا يعد نائباً عنها في هذا النشاط، ولا تكون الشركة الوطنية «الموزع» وكيلة في مفهوم المادة الثانية من المرسوم رقم (3/1955) وانتهى إلى عدم إلزام الشركة الموزع الحصري بضريبة الدخل، وتأييد الحكم القاضي بعدم قبول دعوى وزارة المالية إلزام الشركة الوطنية الموزع الحصري بالضريبة المقررة لرفع الدعوى على غير ذي صفة.
ولما كانت المادة (1) من المرسوم رقم 3/1955 في شأن ضريبة الدخل الكويتية قد نصت على أن تفرض ضريبة دخل على كل هيئة مؤسسة، أينما كان مكان تأسيسها، تزاول العمل أو التجارة في الكويت.
ونصت المادة (10) منه على أن يتولى المدير إدارة وتنفيذ هذا المرسوم وتحصيل الضريبة.
وقد أعلن مدير ضريبة الدخل التعليمات الخاصة بتنفيذ هذا المرسوم، ومنها تعريف الوكيل بأنه هو شخص مفوض من قبل موكله بعقد اتفاقية ملزمة مع فريق ثالث بالنيابة عن موكله ضمن حدود الصلاحية المخولة له. وإن الشخص لا يعتبر وكيلاً لهيئة مؤسسة بالنسبة للمرسوم إلا إذا كانت له الصلاحية الكاملة بعقد اتفاقية ملزمة بالنيابة عن الشركة.
وقد صدر القانون رقم 2/2008 في شأن تعديل بعض أحكام مرسوم ضريبة الدخل الكويتية رقم 3/1955 ونص في مادته الثالثة صراحة ببعض التعديلات، وإلغاء الفقرات (هـ) (ز) (ط) (ي) من المادة 2 وتحل الفقرة (و) محل الفقرة (هـ)، ويضاف إلى هذه المادة الفقرة (و) التي تنص على أن الوكيل المشار إليه في الفقرة (هـ) «هو الشخص المفوض من قبل موكله لمزاولة العمل أو التجارة أو أي من الأنشطة التي نصت عليها المادة (1) من هذا القانون أو لعقد اتفاقية ملزمة مع طرف ثالث بالنيابة عن موكله ولحسابه، وضمن الصلاحية المخولة له بحيث لا يخضع لهذه الضريبة أرباح التاجر الكويتي الناتجة عن بيعه لبضائع كان قد اشتراها ونقلها لحسابه الخاص».
ونص في اللائحة التنفيذية للقانون رقم 2/2008 على تعريف الوكيل بأنه «هو كل شخص طبيعي، أو اعتباري مفوض من قبل موكله لمزاولة العمل أو التجارة، أو أي من الأنشطة التي نص عليها القانون، أو لعقد اتفاقية ملزمة مع طرف ثالث بالنيابة عن موكله ولحسابه، وضمن الصلاحية المخولة له بحيث لا تخضع لهذه الضريبة أرباح التاجر الكويتي الناتجة عن بيعه بضائع كان قد اشتراها ونقلها لحسابه الخاص».
ومن ثم بات واضحاً جلياً أن أرباح التاجر الكويتي الناتجة عن بيعه بضائع كان قد اشتراها ونقلها لحسابه الخاص غير خاضع للضريبة سواء بالنسبة للتاجر الكويتي أو الشركة الأجنبية، وطالما لم يكن وكيلاً في بيعه هذه البضائع عن الشركة الأجنبية مفوضاً عنها في هذا التصرف حتى لو فرضت عليه بعض القيود أثناء مباشرة هذا النشاط كأن يستعمل علامتها التجارية المسجلة لها في البلد الأجنبي أو الوصول بمبيعاته لحد معين أو توفير خدمة ما بعد البيع لحسابه الخاص، فهي لا تعدو أن تكون قيوداً على ملكية البضاعة المبيعة للموزع الكويتي بنيت على باعث قوي هو المحافظة على سمعة السلعة المباعة بين المتصرف والمتصرف إليه تحكمها المواد (815 و816 و817) من القانون المدني.
ولا يترتب على اشتراطها في اتفاقية التوزيع المبرمة بين الشركة الأجنبية والموزع الوطني أن تجعل الأخير وكيلاً مفوضاً من الأولى عنها في بيع السلع المستوردة لحسابها لطرف ثالث، ولا يغير من أن الشركة الأجنبية لا تزاول النشاط التجاري في الكويت بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ولا تجعل من الموزع وكيلاً عنها فلا يخضع أي منهما لضريبة الدخل.
ويؤكد ذلك صدور قرار مجلس الوزراء رقم (387/2006) بتاريخ 30 أبريل 2006 مستبعدًا عقد التوزيع من نطاق مرسوم ضريبة الدخل الكويتية.
وننوه أنه متى حدّد قانون ضريبة الدخل الكويتية تعريفاً محدداً للهيئة المؤسسة والوكيل، فإنه يجب الالتزام بحدود هذا التعريف، إذ إن النصوص التي تقرر فرض التزامات على الأشخاص كالضرائب يجب تفسيرها تفسيراً ضيقاً لا تسري إلا على الحالات التي تضمنتها بالذات، وما خرج عنها لا يخضع لهذه الالتزامات.
ومن المقرر أيضاً في قضاء التمييز أنه لا يجوز الرجوع إلى القواعد المقررة في القانون العام إلا في ما فات تنظيمه بمعرفة القانون الخاص من الأحكام، إذ لا يجوز إهدار القانون الخاص لإعمال القانون العام لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص، فحيث يكون لكل منهما مجال لإعماله يختلف عن الآخر، فيكون القانون الخاص استثناءً من القانون العام يحد من عموم أحكامه فيقيّدها في ما جاء بتخصيصه، ويسري كل منهما في نطاقه، القانون الخاص في ما خصص له، والقانون العام في ما بقي له من اختصاص.
(تمييز الطعن 114/2003 تجاري جلسة 22/5/2004، والطعن 477/2001 مدني جلسة 30 ديسمبر 2002، والطعن 670/2002 إداري جلسة 13 يونيو 2003، والطعن 490/2000 إداري جلسة 7 أبريل 2003، والطعن 75/2002 إداري جلسة 3 نوفمبر 2003، والطعن 461/2000 تجاري جلسة 28 يناير 2001.
وكان يتعين على الحكم الصادر من الدائرة الإدارية أن يتقيد بالتعريف الوارد في مرسوم ضريبة الدخل الكويتية للهيئة المؤسسة وكيفية مباشرتها النشاط في الكويت، وتعريف الوكيل أي بما لازمه وجوب اتباع الحكم التعريف الوارد بالتشريع الخاص بالضرائب المنصوص عليه في المرسوم 3/1955 المعدل ولائحته التنفيذية بأن الوكيل هو من باشر العمل لحساب الموكل وبتفويض منه ويتعاقد باسم ولحساب الموكل في إبرام اتفاقية بيعه للسلعة محل التوزيع مقابل أجر.
وحيث يكون التاجر الكويتي في بيعه السلعة التي اشتراها، ونقلها لحسابه الخاص لا يخضع لضريبة الدخل الكويتية، وهذا النص هو الواجب التطبيق دون الرجوع إلى التعريف الموجود في القانون العام، وهو قانون التجارة لعقد التوزيع وعقد الوكالة التجارية، إذ إن مناط الهيئة المؤسسة الأجنبية لهذه الضريبة هو أن يكون الموزع يبيع سلعتها لحسابها بتفويض منها، ولا مجال هنا لتعريف الموزع كما هو وارد في التشريع العام في قانون التجارة.
المادة 123 من الدستور قد نصت على أن «يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية» وكان القانون رقم 2/2008 بتعديل المرسوم رقم 3/1955 في شأن ضريبة الدخل الكويتية، قد ألزم مجلس الوزراء بتنفيذ أحكام هذا القانون، وقد أصدر مجلس الوزراء باجتماعه رقم 2025/2006 المنعقد بتاريخ 30 أبريل 2006 بعد اطلاعه على محضر الاجتماع رقم 7/2006 للجنة الشؤون القانونية المنعقد بتاريخ 24 أبريل 2006 قراره رقم 387/2006 التالي في تحديد نطاق تطبيق قانون ضريبة الدخل، قرر المجلس التأكيد على وزارة المالية مراعاة تطبيق مرسوم ضريبة الدخل الكويتية المعدل بالمرسوم رقم 2/1957 والقوانين المعدلة له، على أن يتم العمل بهذا التطبيق وفقًا للإعلان التفسيري الصادر بتاريخ 10 أكتوبر 1955 المرفق المعاصر لصدور هذا القانون، وذلك بعدم تطبيق المرسوم إلا على الشركات المسجلة في الخارج فقط، وأن المقصود بالوكيل في حكم هذا القانون هو الشخص المفوض من قبل موكله بعقد اتفاقية ملزمة مع فريق ثالث بالنيابة عن موكله ضمن حدود الصلاحية المخولة له، بما يخرج معه الموزع الوحيد الذي لم تكن له هذه الصفة المحددة بالإعلان التفسيري عن نطاق تطبيق مرسوم ضريبة الدخل المشار إليه، وأن هذا التفسير خاص بمرسوم الضريبة المذكور وفي حدود تطبيقها باعتباره قانوناً خاصاً له مجاله.
ثم أصدر مجلس الوزراء في اجتماعه رقم 50-3/2006 بتاريخ 30 يوليو 2006 قراره رقم 774/ أولاً التالي «في ضوء تحديد نطاق تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 387/2006 في شأن مدى خضوع الموزع الحصري لضريبة الدخل قرر المجلس ما يلي:
1 – يعمل بالقرار المشار إليه اعتبارا من 30 أبريل 2006 بحيث تتوقف وزارة المالية عن إصدار أي مطالبات ضريبية جديدة تتعلق بمفهوم قرار مجلس الوزراء المذكور أعلاه.
2 – يتم ذلك عن الفترة التالية على 30 أبريل 2006 والفترة السابقة عليها باعتبار أن الممول في مركز تنظيمي لم يكتمل بعد بالربط النهائي للضريبة.
3 – بالنسبة للقضايا السابقة تنفذ الأحكام النهائية الصادرة، ويستمر في نظر القضايا المرفوعة حالياً، وتلتزم الوزارة بعدم رفع قضايا جديدة.
4 – في تطبيق قرار مجلس الوزراء المشار إليه يعتمد بمفهوم الاتفاقيات والعقود بين الوكلاء والشركات الأجنبية، وليس بمسميات هذه الاتفاقية والعقود.
5 – يراعى تضمين مشروع قانون، يقدم إلى مجلس الأمة الأحكام القانونية المطلوبة لمعالجة هذا الموضوع من جميع جوانبه بصفة نهائية.
ولما كان القراران الصادران من مجلس الوزراء 387/2006، 774/أولاً/2006 قد صادفا صحيح التطبيق السليم للمرسوم رقم 3/1955 في شأن ضريبة الدخل الكويتية وتعديلاته من أن القانون المذكور قانون خاص يجب الالتزام بالتعريفات والنصوص الواردة فيه، ولا يجوز اللجوء إلى تعريف الوكيل الوارد في قانون التجارة وهو قانون عام.
إن التاجر الكويتي في توزيعه لسلعة أجنبية اشتراها ونقلها لحسابه الخاص لا يخضع لضريبة الدخل الكويتية، ولا يعتبر أنه باشر تجارته في توزيع هذه السلع الأجنبية بوصفه وكيلاً عن هذه الشركات الأجنبية طالما أنه لا يعمل لحسابها بتفويض منها، وبالتالي فإن هذه الشركات الأجنبية لا تعتبر قد باشرت العمل التجاري في الكويت، ولا تخضع لضريبة الدخل الكويتية، وهو ما اعتنقته 3 دوائر من دوائر محكمة التمييز في أحكامها سالفة البيان.
من ناحية أخرى، فإن قراري مجلس الوزراء ملزمان لوزارة المالية، ووزير المالية، فلا يجوز له مخالفة قراري مجلس الوزراء، وخصوصاً أن قرار مجلس الوزراء المؤرخ 30 يوليو 2006 ألزم وزارة المالية بتنفيذ هذين القرارين وبعدم إصدار أي مطالبات ضريبية جديدة تتعلق بمفهوم القرار، كما ألزمها بعدم رفع قضايا جديدة بالمخالفة للقرار الصادر في 30 أبريل 2006 ومجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية عملاً بالمادة 123 من الدستور، فكان يتعين على وزارة المالية الالتزام بقراري مجلس الوزراء اللذين صدرا.
ونناشد معالي رئيس الوزراء إلزام «المالية» بتطبيق القرارين الصادرين من مجلس الوزراء في 30 أبريل و30 يوليو 2006 ومحاسبة المسؤولين عن التجرؤ على مخالفتهما، ومراعاة تطبيق البند الخامس من القرار الأخير بتضمين مشروع قانون يقدم إلى مجلس الأمة الأحكام القانونية المطلوبة لمعالجة هذا الموضوع من جميع جوانبه.
ونناشد مجلس الأمة باقتراح التشريع اللازم لعلاج هذا الوضع حسماً للخلاف الدائر في أحكام محكمة التمييز عملاً على استقرار الأوضاع، وحتى لا يترتب على هذا الوضع القضائي إحجام الشركات الأجنبية الكبيرة عن التعامل مع تجار الكويت أو رفع الأسعار بما يؤدي إلى زيادة الأعباء التي يتحملها المواطنون.